الجمعة، 6 يناير 2012

حوار مع " فيم فندرس" حول "بينا".





الفيلم : بينا Pina
إنتاج : 2011
إخراج : فيم فندرس Wim Wenders
جائزة أفضل فيلم تسجيلي في مهرجان الفيلم الأوروبي 2011



هو بلا شك واحد من أهم الأفلام التي قدمتها السينما في عام  ٢٠١١ . " بينا" Pina رثاء المخرج الألماني الكبير "فيم فندرس" لسيدة الرقص المسرحي الحديث الأولى في كل العالم "بينا باوش" التي رحلت في عام ٢٠٠٩ ، أثناء جلسات التحضير للفيلم الذي كان يعده معها منذ سنوات عديدة و شاء القدر أن ترحل قبل أن تدور كاميرته. في هذا الحوار مع إذاعة بافاريا الألمانيه يتحدث "فيندرس" عن فيلمه، عن علاقته ببينا و دوافعه من وراء هذا الفيلم. 

- كيف تتذكر المرة الأولى التي رأيت فيها مصممة رقصات القرن "بينا باوش" ؟

 إلتقيتها شخصيا لأول مرة في فينيسا. و بصراحة  قبل ذلك لم أكن قد سمعت عنها كثيراً . فبين عامي ١٩٧٧ و ١٩٨٤ كنت أعيش في أمريكا و كانت هذا سنوات صعود نجمها في أوربا. و لكن صديقتي في ذلك الوقت كانت تعرفها جيداً ، بل و كانت من أشد المعجبات بها و شاهدت عروضها أكتر من مرة في فرنسا حتي أقنعتني أنا الأخر بأن أفعل. و هكذا شاهدت عروضها لأول مرة عام ١٩٨٥. شاهدت "طقوس الربيع" و " كافيه مولر" و تأثرت بشدة.

- و متى جأتك فكرة تقديم فيلم عنها أو معها ؟

بعد أول لقاء شخصي لي بها مباشرة. جاء هذا اللقاء بعد أن كنت قد رأيت عدد من عروضها حيث كانت تكرم في فينسيا. منذ اللقاء الأول تفاهمنا جيدا و سألتاها مباشرة عن رأيها في أن يحمعنا عمل ما سويا في المستقبل، و لكنها لم تجب، واصلت سحب الدخان من سيجارتها و تركتني بلا كلمة تعليق واحدة.  و بعدها بسنوات عديدة زعربت لي اللقاء أنها بالفعل مهتمة بأن تعمل معي هي و فرقتها "مسرج فوبرتال الراقص".

- و هل كنت تخطط لفيلم روائي أم تسجيلي ؟

فكرة الفيلم الروائي لم تروادني مطلقا. الذي بهرني في "بينا باوش" و فرقتها المسرحية كان منذ البداية فنها، فنها هو بالتحديد ما أردت أن أرصده و أنقل سحره على الشاشة، أنقل حضور الجسد و سطوته التي تخطف المشاهد و تشركه في عالمه، شراكه تختلف عن تلك التي نشعر بها في حفل "روك " صاخب، في المسرح، في الأوبرا أو حتي في السينما. بعد سنوات من معرفتي ب"بينا" و مشاهدتي لها بدأت أفهم سر سحر عالمها. أنها مقدرتها الفذة في تأمل الجسد، في الفهم الدقيق للغته و أعماقه.  ببساطه لقد كان بمقدورها قراءة البشر. 


ـ و لماذا تأخر هذا المشروع كل هذا الوقت ؟

"بينا" نفسها سألتني عدة مرات لماذا لا نشرع أخيرا في بدأ العمل سوياً، فاعترفت لها أنني لم استطع بعد  الإستقرار على صيغة ملائمة للتعبير سينمائيا عن فنها، فرغم طول انشغالي بالمشروع عجزت أن أجد الشكل المناسب  الذي يعبر عن ما أشعره و ينقل للمشاهد هذا الأحساس بالجسد. ثم كان الحل تقنيه ال3D 
و رغم أن المؤثرات البصرية المجسمة مازالت بدائية، فقد عرفت علي الأقل أخيرآً كيف يمكنني إستيعاب عبقرية مسرح بينا الراقص و التعبير عنه بصرياً بشكل يرضيني. التقنية الثلاثية ساعدتني أن أقتحم المكان من داخله و أعيد اكتشاف طاقاته. و رغم  عدم رضائي عن الجودة التقنية و لكنني متأكد أنها  ستتحسن مع الوقت.

- هل تحرص في عملك السينمائي على متابعة التقدم التقني و استخدام ما يتيحة من أدوات جديدة ؟ فقد صورت "بينا" و هو فيلم ينتمي بامتياز لسينما " المؤلف" Autorenfilm بأسلوب ال 3D الذي صور به Avatar لجيمس كاميرون . و قبلها صورت فيلمك Buena Vista Social Club  بكاميرا ديجيتال. بل لقد بدأت مبكرآ جدا يأخذ صوراً فوتوغرافية باستخدام كاميرا 3D كذلك.

حينما استخدم تقنية ما فالسبب يكون أنها تساعدني على تحقيق رؤيتي و ليس  لقيمتها في ذاتها. في التسعينيات كاد الفيلم التسجيلي أن يموت نتيجة إرتفاع تكاليف تصويره بالفيلم السينمائي العادي. ثم جائت الكاميرات الديجيتال لتنقذ الموقف بسعرها الرخيص نسبياً و سهولة تنقلها و قد شاهدنا كيف تطور الفيلم التسجيلي بعد استخدام تقنيات الديجيتال بشكل كبير في السنوات الأخيرة. و لكن في النهاية علي القول أنني لا أستسيغ تقنية ال 3D بصرياً، ربما تتيح هذة التقنية مستقبلاً إمكانيات جديدة و بالتأكيد سوف تتطور جودتها.

- كيف كان وقع موت " بينا باوش" المفاجىء في صيف ٢٠٠٩ عليك و كيف كان أثره على مشروع الفيلم ؟ 

سمعت بخبر وفاة بينا و أنا في مكتبي في برلين حيث كنا نجهز لنقل المعدات إلي "فوبرتال" لبدأ العمل . فقد رحلت قبل يومين من بدأ التصوير. قررت بعدها وقف العمل في المشروع و أخبرت شركة الإنتاج و المساهمين بأن الفيلم لم يعد بالإمكان تنفيذه. فقد كان اتفاقي مع بينا أن نقوم سوياً باخراج الفيلم و أن تكون معي ليس فقط أمام الكاميرا بل أيضاً خلفها. و بوفاتها لم أري معنى لمواصلة المشروع، إلي أن دعيت إلى مسرح فوبرتال لحضور ندوة تأبينها في سبتمبر ٢٠٠٩ و قابلت راقصي فرقتها الذين عملوا معي ،وأقنعوني بمواصلة العمل مذكرين أياي بأني و "بينا" قد تعاهدنا أثناء العمل أن نخلد بعملنا العروض لتبقى حية في العالم الأخر!