الخميس، 26 مارس 2009

٧٠ عاما علي ميلاد "فولكر شلوندورف "


كان عام ١٩٧٩ هو عام السينما الألمانية بحق ، ففي هذه السنة أنتجت السينما الألمانية ثلاثة من أهم مائة فيلم في تاريخها " نوسفراتو .. شبح الليل " Nosferatu ..Phantom der Nacht من إخراج "فرنر هرتسوج " Werner Herzog و "زواج ماريا براون " Die Ehe der Maria Braun لفاسبيندر Fassbinder الذي يعد أهم أفلامه و رائعه "فولكر شلوندورف " Volker Schloenörff "الطبلة الصفيح " Die Blechtrommel الذي جمع في إنجاز غير مسبوق بين جائزة الأوسكار لأفضل فيلم أجنبي و السعفة الذهبية لمهرجان كان السينمائي التي حصل عليها مناصفة مع رائعة "كوبولا " Apocalypse now , و كان أسد "برلين " من نصيب فيلم ألماني رابع بعنوان David و تنافس "فرنر هرتسوج " بفيلمه الثاني في نفس العام Woyzec علي سعفة مهرجان كان إيضا و بدا أن الموجة الطليعية الألمانية التي ظهرت في أوائل الستينيات قد أوتت ثمارها علي أحسن وجه ، و أصبح للسينما الألمانية صدي عالمي ووجود مشرف بالمهرجانات الكبري ..

و عرف العالم "شلوندورف " كما عرف "فاسبيندر " من قبل ، و انتظر منه الكثير بعد ملحمة " الطبلة الصفيح " و لكن الإنتظار طال ، و لم يقدم "شلوندورف " فيلما في مستوي فيلمه الأشهر حتي بعد سفره لأمريكا الذي لم يكن موفق إذا ما قورن بما حققه أبناء وطنة السابقين و اللاحقين في بلاد هوليوود ، و مرت السنون و بقي " الطبلة الصفيح " علامة فارقة في تاريخ السينما الألمانية , بينما تواري أسم "شلوندورف " ليذكر ثالثا أو رابعا عند الحديث عن تأثير السينما الألمانية عالميا و الذي عادة ما يقترن بأسماء "هرتسوج " و "فاسبيندر " و ربما "فيم فندرس " . هل كان " شلوندورف " هو أحد هؤلاء الذين تشرق سماء عبقريتهم بشمس واحدة خالدة تتواري في غمرة ضياءها كل ما يزينها من نجوم ؟ هل هي لعنة "الطبة الصفيح " التي طاردت مؤلفها الحائز علي جائزة نوبل "جونتر جراس " فلطالما قال عنه النقاد كذلك أنه لا يوجد بين كتبه عملا مهم غيرها ؟ .. هل هو حكم جاحف و أن من أفلام "شلوندورف " ما يقارع "الطبلة الصفيح " فنا و قوة ؟ .. هل مازال "شلوندورف " بعد بلوغه السبعين قادرا علي إبطال هذا الزعم و أن جعبته لم تخل بعد من المفاجاءات ؟

**********

هذا هو العام السبعين في حياة "فولكر شلوندورف ، بهذه المناسبة صدر كتابه Licht , Schatten und Bewegung أو " نور ، ظل و حركة " الذي يحكي فيه سيرتة الذاتيه و حياته في السينما بين فرنسا و ألمانيا و أمريكا ، فرنسا التي درس بها و تشرب بموجتها الجديدة التي عصفت بالإتجهات السينمائية التقليدية في أوربا. ارتبط شلوندورف بمخرجين يعتبرون أقل ثورية بين أعلام موجة فرنسا الجديدة و لكن ربما أكثر جماهيرية أيضا، فقد عمل مساعدا لجان بيير مالفيل ثم للوي مال قبل أن يعود آلي ألمانيا و قد أثقلته التجربة الفرنسية و ملئت رأسه بطموحات و أفكار فنية جديدة تلقفتها الأجواء السينمائية في ألمانيا بالحماس و الترحيب حيث كانت علي أهبة الاستعداد لتقبل كل ما هو جديد بعد أن تسربت عدوي الثورية إلي هناك و قاد ألكسندر كلوجه و رفاقه الحملة علي السينما التقليدية و أصدروا منفيستو Oberhausen الشهير الذي تصدرته عبارة " الفيلم القديم قد مات ، نحن نؤمن بالفيلم الجديد " و سرعان ما سطع نجم الفتي اليافع "شلوندورف " عاليا بعد أن حصل فيلمه الأول Der Junge Törless " الشاب تورليس " علي سعفة مهرجان كان الذهبية و كأن الفرنسيون قد أرادوا بتكريم شلوندورف ألماني الوطن فرنسي الخيال و الأسلوب تكريم أنفسهم و سينمتهم الجديدة التي تحمس لها جيل كامل من المبدعين السينمائين في أوربا، بعد الجائزة اعتبرته جماعة أوبر هاوزن واحدا منهم ليشكل مع رفاقه ما يعرف بتيار السينما الألمانية الجديدة الذي قاد موجتها ألكسندر كلوجه و ضمت فاسبيندر و إدجار رايتس و فرنر هرتسوج ثم فيم فندرس و اخرين و جعلت من السينما الألمانية علي مدي 20 عاما تقريبا (1962-1982) سينما مؤلف رفيعة المستوي أعادت للأذهان ما كانت السينما الألمانية قد بلغته في عشرينيات القرن العشرين من مجد و شهرة .



الأربعاء، 25 مارس 2009

السينما ... العشق في جهنم !

ربما يصبح ما تعشقه هو ذاته ما يشقيك ، و ربما يشتد الشقاء حتي يشق قلبك خرقا و حرقا، و يحلق في سمائك كالشبح الرابض ، يملـؤها من ناره و نوره ، نوره الذي يغمر روحك و يسرق منك نفسك ، فلا تملك إلا إجابته طائعا و تصعد إليه في خشوع المؤمنين الموقنين و لا تعير للنار التي تضرم حولك بالا مهما أسجاك صهدها و أصلاك سعيرها وبالا
و كانت السينما عشقي ، الذي استولي علي طفلا و مراهقا ثم شابا ، ضحكة سعاد حسني ، فساتين صباح ، غمزة هند رستم و شعرها المسدل علي نصف وجهها ، دلع شادية و خفة صلاح ذو الفقار ، رقصة إيرما لادوس في" عفريت مراتي "، عوالم الثلاثية ، خلخال سمارة ، هويس "شيء من الخوف "، شمعة "لا أنام "، جنون "اسكندريه ليه" و أشياء أخري ، أطياف و رؤي تملكت وجداني و طاردتني ، فإذبي قد أمسكت نفسي متلبسا أكثر من مرة بينما أسير في الشوارع بين الناس و قد صنعت لنفسي عالم خاص و أسكنت روحي داخله ، من البشر و الشوارع أصنع كادرا ، أراه بعيني ، و أحيانا أري نفسي فيه و أسمع موسيقاه و قد صعدت إليه من وجداني ..
و كانت السينما شقائي ، فهذا الذي يلح بداخلي يصرخ و قد ضاق بحبسه ، هذا الجنون بالتلبس و التقمص، كائنات الخيال التي أراقصها و تراقصني علي موسيقي الروح و إيقاعات لا تنتهي للوجود ، أخلقها و أحلم بعزفها ، تلك الرغبة المستميتة في أن أوقف الزمان بيدي و أسرق منه قطعة تكون ملكي ، أخضعها لإرادة قلبي و أنفخ فيها من روحي ، هذا الشبق الأزلي الذي لن ينتهي إلا بنهياتي كفيل بأن يشقيني ، مادمت لم استطع أن أرضيه أو أرضيني !
فوفاءا لعشقي و هروبا من شقوتي ، أكتب هذه الصفحات .. أكتبها من نفسي ، خواطر تصنعها أصداء كل فيلم أشاهده ، تلهمني ، و تغني أيام حياتي ، أبيضها و أسودها ، تغنيها بكل الألوان !